الرئيسة \  قطوف وتأملات  \  تحرير مفهوم -١ : في شريعتنا : نشر المعروف من المعروف

تحرير مفهوم -١ : في شريعتنا : نشر المعروف من المعروف

07.05.2022
زهير سالم



زهير سالم*

ومعناه أن تتحدث عن الناس بما عرفت من خيريتهم، وتمسك عما عرفت من غيرها.
وفي الحديث المتفق عليه.
"كل أمتي معافى إلا المجاهرين"
والمجاهرون على ضربين: الأول أن يفعل المعصية أو السوء أو الشر جهارا نهارا ولا يبالي..
والثاني: كما بين نص الحديث: أن يرتكب ما يرتكب في ليل، ويستره الله ثم يصبح يتحدث بجريرته.
ويلحق بهذا إشاعة حديث الفاحشة في الذين آمنوا: فلان يكذب.. فلان يغش.. فلان يشرب المنكر.. فلان كذا .. فلان كذو..في متوالية شيطانية لا قعر لدنسها!!
وهكذا يجد السامعون أنفسهم وسط بحيرة من الرذيلة فتهون عليهم المعاصي والرذائل. ومن هنا جاء قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
إشاعة الفاحشة إما بارتكابها والمجاهرة بها والعياذ بالله، وإما بالحديث عنها على وجه المفاخرة، إ من مرتكبها، أو على وجه التشهير والتعيير من متتبعها، أو متتبع عورات الناس وجاء في الحديث "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته يوم القيامة".
الحديث عن الظلمات يجعلك ترى كل ما حولك مظلما. والحديث عن الخير والبر والطاعة والمعروف يجعلك ترى كل ما حولك مضيئا.
في المفاهيم المجتمعية العامة لمفهوم الخير والبر يحب الاسلام تعزيز القيم الإيجابية، والحديث عنها، والدوران حولها. قال تعالى: (لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ)
وحق من ظلم ان يجهر بالسوء عند من يرجو منه النَصَف، وإلا فكم من ظالم ويظن انه مظلوم، ويطلق لسانه في أعراض الناس مدعيا، وهو الأحق باللوم والتثريب، وقد يساعده على ذلك قوم آخرون.
ومن هنا جاء التشديد في عقوبة القذف، ورتبت عليه الشريعة الغراء حدا يقترب من حد الزنا. وضوعف عدد الشهداء في ثبوته، ودقق في طريقة الشهادة، ليس لأن الإسلام يحب أن يتستر على الجريمة كما كتب بعضهم يوما، بل لأن الاسلام يعلي قيمة الستر والطهر المجتمعي.
كنت مولعا بقراءة كتب التراجم في كتب الطبقات، وأنصح بقراءتها، ونادرا ما مر بي نسبة نقيصة لعالم، مع أن المترجَم لهم بشر. كل ذلك على قاعدة الصون والستر وإشاعة الخير ونشر المعروف، لأن نشر المعروف من المعروف.
يقول يجب أن يعرف الناس، وأقول بل لا مصلحة في معرفة الناس.
يقول "هلك َ الناسُ، وقالوا له: من قال هلك الناس فهو أهلكَهم أو أهلكُهم.
ثم إنها طبيعة في البشر، يصعد الرجل المسن أمثالي عشرين مرة إلى الحافلة فيجد شبابا يقومون له من مقاعدهم، ليكرموا ضعفه، فإذا خذله بعضهم مرة يظل يتحدث عن "الجيل الطائش الشرير" في كل مجلس!!
عن المجتمع السوري أتحدث، وهو جزء من المجتمع البشري، ونحن بشر ممن خلق، والخير فينا نابع من خصوصية كرامة إنسانية، ورسالة قيمية خيرة، وأنا مستعد أن أروي أمام كل واقعة سلبية صدرت عن سوري في وطنه أو في مهجره، عشر روايات إيجاببة أحيانا عن هذا الذي عثر وأحيانا عن غيره من السوريين..!!
أيها الناس تغافروا وتراحموا وليستر بعضكم بعضا، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم "ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة" هذا في الستر على الفرد، فكيف بالستر على المجتمع؟؟!!
لندن: ٤ شوال/ ١٤٤٣
٥ /٥/ ٢٠٢٢
____________
*مدير مركز الشرق العربي